(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً)(٥٧) :
هنالك قلوب مفتّحة لاستقبال الحق ، تفتحها أصحابها فزادهم الله تفتّحا (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) وهنا قلوب مقلوبة مغلقة عن تقبل الحق بإعراض أصحابها عما ذكروا بآيات الرب وتناسي ما قدمت أيديهم فزادهم الله إغلاقا جزاء وفاقا (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً)!
فكنّ القلوب عن استقبال الحق ووقر الآذان عن استماعه ووعيه هما بما اعرضوا وقدمت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد.
هنالك تذكير بآيات الرب (ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ) لكي يهتدوا (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى) ولكنهم بدل أن يتذكروا ويهتدوا ويشكروا نعمة ربهم بالذكرى والهدى (فَأَعْرَضَ عَنْها) : عنادا وتعمدا (وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) : نسيان التناسي المتعمد ما قدمت يداه من إعراض عن آيات الرب وخلفياته ، لحد قد يحسبه يحسن صنعا : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً).
فهنالك ـ إذا ـ الطامة الكبرى : (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) أكنة بما قدموها (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) بما وقروها فما وقرّوها ، اثنان باثنين في وفاق عددا وعددا ، ثم النتيجة العاجلة (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) ثم الآجلة هي أشد وأنكى!
(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨) وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً)(٥٩)