ترى وماذا كان يدري موسى من الملتقى وماذا لا يدري؟ (حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) دليل أنه كان يدري ان مكانا من المجمع هو الملتقى ، ولكنه اين هو الذي يحيى فيه ميت وما هو؟ لا يدري أنه حوته وإلّا لم ينسه! ولم يطلبه بعد ذكره غداءه!
فقد (قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) فما كان يدري ان الملتقى هو المجمع الذي بلغاه ، وإلّا لما تجاوزه! ولا أن الذي فيه يحيى هو حوتهما ، وإلّا لماذا اتخذه غداءهما ، ولماذا نسيه؟ معلومان ومجهولان لموسى ، وفتاه يجهل ثالثا هو أن حياة ميت فيه آية انه الملتقى المبتغى وإلّا لما نسيه إذ رأى الحوت (اتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً)!.
(فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما) : بين البحرين وبين موسى وخضر ، وما درى موسى منه ملتقاه وإلّا لما تجاوزاه (نَسِيا حُوتَهُما) موسى وفتاه ، نسيان موسى كان بطبيعة الحال حيث السالك يركّز على الغاية الملتقى فينسى الغداء أماذا من وسائل اللقاء ، ولكنما الفتى لماذا ينسى وقد حمّل حمله والحفاظ عليه؟ علّه لأنه ينابع مسيرة موسى فعلى هامشه ينسى أمام الغاية غيرها! وهذا النسيان المشترك كان عند بلوغهما المجمع.
ثم هنالك نسيان ثان يخص فتاه لما أويا الصخرة (فَإِنِّي نَسِيتُ
__________________
ـ فامسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق ، وفي بعض ان موسى لما رجع ابصر اثر الحوت فأخذا اثر الحوت يمشيان على الماء حتى انتهيا الى جزيرة من جزائر العرب ، وفي حديث الطبري عن ابن عباس فرجع موسى حتى أتى الصخرة فوجد الحوت فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت وجعل الحوت لا يمس شيئا من البحر الا يبس حتى يكون صخرة ، وفي أكثرها ان موسى لقي الخضر عند الصخرة ، وفي بعضها انه ذهب من سرب الحوت أو على الماء حتى وجده في جزيرة من جزائر البحر ، وفي بعضها انه وجده على سطح الماء جالسا او متكئا.