والعصمة أن يسكت صاحب الرسالة عن التنديد بأمر إمر ، أو نكر ، او خلاف العقل ، حيث التقرير زاوية من مثلث السنة! يعذره عن أن يصبر (عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) وحيطة الخبر لزام عقلي وشرعي فيما يخالف ظاهره الشرع او العقل ، لكي يتغلب باطنه الأمين على ظاهره غير الأمين فيصبر على إمر الظاهر لأمر الباطن ، والصبر ما أوله مرّ وآخره حلو فمن دخله من أواخره فقد دخل ومن دخله من اوائله فقد خرج ومن عرف قدر الصبر لا يصبر عما منه الصبر ..» (١) وموسى يعرف قدر الصبر وموقعه فلا يصبر عما منه الصبر وهو عصيان في ظاهر الشرعة وحتى في احتمال أن آخره حلو!
فالشرعة الإلهية أعلى محتدا وواجب رعاية وحرمة من حرمة المعلم ايّا كان ، إذا تناحرتا ، فلا طاعة لمخلوق ـ ولا رعاية ـ في معصية الخالق ، وكما لا معصية لمخلوق في طاعة الخالق ، وانما هي طاعة الله لا سواه ، واحاطة الخبر فريضة عادلة في كل فعل او ترك ان يعرف وجهه في شرعة الله فيؤتى به او يترك ، بوحي او اجتهاد او تقليد صالح ، وليس موسى ممن يقلد خضرا فانما يمشي ويمضي بوحي ، ثم التقليد الصالح قد يجابه بما يحير العقل فسؤالا وجوابا مقنعا ام تركا واعتراضا محتاطا!
ومهما يكفي خبر ما في فعل او ترك لا يرفضه العقل ، ويفرضه ظاهر الشرع ، فلا يكفي فيما يرفضه حكم العقل وظاهر الشرع إلّا احاطة الخبر لحدّ يحوله الى مسموح او مفروض!
نرى موسى حينما يواجه ويجابه ب (لَنْ تَسْتَطِيعَ) حيث تحيل أهليته
__________________
(١) مصباح الشريعة عن الامام الصادق (عليه السلام) واستدل في ختامه بالآية قال الله تعالى في قصة موسى والخضر (عليهما السلام) (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)!