(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(١١٠)
آية يتيمة منقطعة النظير في ساير قرآن التوحيد ، تجمع من مجامع التوحيد ما لا توجد في غيرها ، لحد يقول الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) عنها : «لو لم ينزل على أمتي إلا خاتمة سورة الكهف لكفتهم» (١) كفاية عن سائر التوحيد في القرآن وأصلي النبوة والمعاد! وكأنها تحتصر الوحي في خاتمة الرسالة على ما يتبنى كل الرسالة وتتبناه كل الرسالة : (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ .. أَحَداً) إظهارا لها وتظاهرا بها في عقيدة القلب ، ولفظة اللسان وعمل الأركان وتوجيه العالمين أيا كانوا وأيان! وقد جمعت الأصول الثلاثة نبوة : (يُوحى إِلَيَّ) وتوحيدا في كافة الجنبات : (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) ومعادا : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ..) وقد تقدمت النبوة السامية المحمدية لأنها أكمل تعريف بنفسها وبأصلي التوحيد والمعاد!
هنا وفي «فصلت» يؤمر الرسول ان يقول (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) كلمة توحيدية أحكمت هنا وهناك وفي اضرابهما ثم فصلت في ساير القرآن.
في فصلت يؤمر بعد مع العالمين بالاستقامة الى الله (.. فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ)(٦) وهنا يكمل كلمة التوحيد (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ..)! واحتصار كيان محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) في نفسه بانه بشر ، كلمة يقولها المرسلون أجمع : (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما
__________________
(١). الدر المنثور ٤ : ٢٥٧ ـ اخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي حكم قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ..