كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٤ : ١٢) فهو بشر في كل ما للبشر.
ثم ولا يستثنى هو وهؤلاء إلّا في وحي الرسالة : (يُوحى إِلَيَّ) فيستثنى عن بشريته كل خطأ وشر ، دونما استقلال بجنب الإله ، ولا استغلال لشأن من الإله ، وإنما «بشر رسول» : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) (١٧ : ٩٣).
إنه بشر كسائر البشر في جسمه وروحه محمد ، اللهم إلّا في روحه كرسول حيث يمتاز بها عن سائر البشر! فهو في حاجيات ومتطلبات البشرية كسائر البشر يأكل ويمشي في الأسواق ويتزوج وينام ويفيق ... ولكنه معصوم بالوحي عن أخطاء البشر وكلما ينافي الرسالة الإلهية من مثلث العصمة : تلقيا للوحي وإلقاء وتطبيقا في نفسه وسواه!
إن الرسول البشر ـ أم أي كائن سوى الله ـ ليس ليشرك بالله أم يشارك الله ، او يخوّل عنه ما ليس إلّا لله : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ (١) لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ ..) (٣ : ٧٩) كما وأن البشر ليس ليمنع عن رسالة الوحي لأنه بشر رغم ما يهرفه الخارفون : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) (٦ : ٩١) (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ) (٣٢ : ٢٤) (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) (٢٣ : ٣٣) (فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ) (٦٤ : ٦) (إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) (٧٤ : ٢٥)!
إن كيان محمد كرسول يحتصر فيما يوحى إليه من ربه دون استمداد بمن سواه شورا وسواه او اجتهادا من رأيه ، ف (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) فلا يتجّه في نفسه او يواجه العالمين ألّا بالوحي (قُلْ إِنَّما