ورغم ان حالي وماضيّ واستقبالي تقتضي إجابة دعائي لصالحي وصالح استمرارية الدعوة والحفاظ على بيت النبوة ، ولكني «وهن العظم مني» كمانع أوّل للإيلاد (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) كمانع ثان للولادة ، ولكنك لا يمنعك أيّ مانع ولا يقف دون مشيتك اي رادع ، «وكانت» تلمح لكونها عاقرا منذ ماض بعيد وهي الآن شيخة فأصبحت ذات عقرين! فهذه ـ إذا ـ ثلاث!
(فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)(٦).
(هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ) (٣ : ٣٨) (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) (٢١ : ٨٩).
يدعو ربه بكل ضراعة آيسا من نفسه ، وهنا لعظمه وعقرا لزوجه ، راجيا ربه أنه سميع الدعاء وهو خير الوارثين ، فهب لي وليا يرثني خيرا وأنت خير الوارثين ، وقد تشير «من لدنك» إلى أن مطلوبه يحمل رحمة لدنية رحمانية حيث الأسباب العادية قاصرة لمكان العقر والشيخوخة ورحمة لدنية رحيمية هي النبوة وهما من خوارق العادة في الرحمتين (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ..)!
وهنا (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) تصرف (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) عن وراثة النبوة ، او تعمها لكل وراثة من مال ونبوة (١) فلو كانت «يرثني» مختصة بوراثة النبوة وهي تتطلب في أصلها وفرعها كون الوارث رضيا ، لكانت
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٥٩ واخرج الفرياني عن ابن عباس قال كان زكريا لا يولد له فسأل ربه فقال : (رب هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب) قال : يرثني مالي ويرث من آل يعقوب النبوة.