ثم وما تعني (خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ)؟ إنه أخذ التوراة بقوة العلم والعمل والحكم بهما بين الناس بالولاية الشرعية لمّا يبلغ أشده (١).
(وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (٣) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (١٤) وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا)(١٥).
«و» آتيناه حنانا من لدنا وبرا بوالديه ..» إيتاءات وعطيات إلهية «وكان» قبلها وبعدها «تقيا» فلم تكن تلك الموهبات اللدنية دون شيء. فانما «زكاة» من لدنه (وَكانَ تَقِيًّا) في زكاته ، حيث الغايات اللدنية تنزل حسب القابليات والفاعليات فقابلية «زكاة» كانت من لدنه ، وفاعلية (وَكانَ تَقِيًّا) منه (عليه السلام) نسخة طبق الأصل!.
هنالك حنان وزكاة وبر ، وبينها تقى منذ ولد حتى الممات إذا فكله (سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا)!.
والحنان هو الإشفاق المتضمن للصوت الدال على الشفقة. و «من لدنا» تجعله خارقا للعادة المألوفة وفي مربع من الحنّة ١ حنان من الله وعطف بما يحمله وحيه الحنون ورحمته الحنون «كان إذا قال يا رب قال الله عز وجل :
__________________
ـ (صلّى الله عليه وآله وسلم) حتى أكون شفيعا فقال : الحمد لله الذي جعل من ذرية محمد المصطفى نظير يحيى بن زكريا (آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) أقول : ولم يكن الحسن (عليه السلام) حينذاك اماما وانما اوتي حكما : عقلا وفهما.
(١) نور الثقلين ٣ : ٢٢٥ ح ٢١ في اصول الكافي باسناده عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل يقول فيه : مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير اما تسمع لقوله عز وجل : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) فلما بلغ عيسى (عليه السلام) سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين اوحى الله اليه فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين.