لبيك يا يحيى (١) ، ٢ ـ وحنان له من لدنه جعله يحن اليه ليل نهار بحنين وأنينه وعبادته ، ٣ ـ وحنان منه الى عباد الله ، يد آب في دعوتهم إلى ربهم ٤ ـ وحنان من الناس إليه وكما في موسى (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي)! فهو إذا محبط الحنان ومصدره بين الله وخلقه ، ورأس الزاوية من حنانه انجذابه الخاص الى ربه لحدّ لا يؤلف في سواه اللهم إلا الاخصين من الصالحين محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) وعترته الطاهرين (عليهم السلام).
هنالك حنان يمازجه ضيق ببكاء دائب إشفاقا من ربه واشتياقا إليه ، صوت المشتاق المفتاق الى ربه مثلما كان لأستوانة الحنّانة حنين بفراق الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) ولذلك سميت حنانة!
«وزكاة» : آتيناه زكاة ـ طهارة عما يدنس ساحة الإنسانية والإيمان الإسلام «و» الحال انه (كانَ تَقِيًّا) ف (الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) (٤٧ :) ١٧) فلما كان تقيا يتقي الموبقات ، آتيناه زكاة عما يتقى من جهل وسوء خلق وفسوق وعصيان فأصبح زكيا دون عيب في نماء وربوة روحية متعالية ، متزكيا في نفسه مزكيا لغيره ، زاكيا زكيا ذكيا في كل الحقول محلقا على كل العقول.
«و» آتيناه (بَرًّا بِوالِدَيْهِ) وترى إن بر الوالدين من ميزّات الرحمات اللدّنية الربانية؟ ولم يذكر في عدادها لسائر المرسلين! ولا من دونهم من أولياء الله المكرمين! فإنه من صفات المؤمنين قبل هذه الدرجات العليا! فكيف يذكر في سائر القرآن بين سائر المرسلين ـ فقط ـ ليحيى وعيسى عليهما السلام؟!.
__________________
(١) في الكافي باسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت : فما عنى بقوله في يحيى : (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً)؟ قال : تحنن الله ـ قلت : فما بلغ من تحنن الله عليه؟ قال : كان إذا قال : يا رب ...