تطلبوا من الله رحمة لدنية في البداية ورشدا في النهاية ، وكأن «رحمة» او منها (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ ..) : تخلصا من جبّارهم وهم أحياء دونما حاجة الى شراب وغذاء! وكأن «رشدا» او منه (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ ..) رشدا لهم ولمن عثروا عليهم!
(أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) كما أمرهم الله «وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمرهم مرفقا» وطبعا بإلهام دون وحي ، والأوي تلمح بفرارهم في اعتزالهم عما سوى الله وإيمانهم بالله (فَقالُوا رَبَّنا ...) التماسا مما وعدهم وقد حقق لهم ، ولم تكن تلك الرحمة وذلك الرشد بالإمكان وهم بين الطغاة المستكبرين.
هنا «من لدنك» تدل على مدى هيمانهم لرحمة بعد ما لاقوا من ضغط بغيض ونقمة ، رحمة لدنية عن نقمة شيطانية ، ثم تهيئة فيها من أمرهم الإمر رشدا : لهم ولمن سواهم ، ومن رحمته (زِدْناهُمْ هُدىً ١٢. وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ ١٤) ومن الرشد من أمرهم هدى من اهتدى بذكراهم واقتدى بهداهم!
(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) ١١ هنالك مثلث من زوايا الحياة وراء اليقظة التامة ١ ، نعسة يسمع فيها الأذن ضربا على البصر وهو نوم نسبي ٢ ونومة لا يسمع فيها الأذن ، والقلب حيّ ضربا على الأذن ، حيث ينام بعد البصر ، وهو نوم مطلق.
و ٣ موتة عن الحياة الدنيا الى حياة برزخية ضربا على القلب ، والحياة في مثلثها هذه باقية على درجاتها ، وهنالك موتة مطلقة (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ
__________________
ـ ومنها نومتهم الثانية ، وهم لم يموتوا ولا تحمل نومتهم حكمة والقرآن يحيل اطلاع الرسول عليهم وهم نائمون (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً ..)!! ومنها تقلبهم في كل سنة مرتين ، وماذا يفيدهم ذلك التقلب البعيد ، وان كان لا تضاد آية التقلب ، الا انها لا تلائمها ، ثم هي بعيدة في الواقع!.