فقد «كان يومئذ نبيا حجة لله غير مرسل» (١) حيث تنبأ بنبإ الوحي ولما أرسل بكتاب ، وما كلامه عن كتابه ووصيته بالصلاة والزكاة ما دام حيا وبرا بوالديه ، إلا انباء لمستقبل أمره ، فكتابه الرسالي هو منذ كهولته ، وصلاته وزكاته وبره منذ بلوغه او غلمته واما عبوديته لله فمنذ ولادته.
ولو كان رسولا حجة على الخلق أجمعين منذ تكلّمه في المهد لكان حجة على زكريا ويحيى ، وإنما «كان في تلك الحال آية لله ورحمة من الله لمريم حين يكلم فعبر عنها وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال» (٢) دون الخلق أجمعين فضلا عن زكريا ويحيى!
وهذه الكرامة الالهية للمسيح تفسح مجالا لتصديق كرامات اخرى لآخرين من أولياءه الصالحين كما للبعض من أئمتنا المعصومين في مظاهر أمرهم (٣) وان كان كلهم اصحاب هذه الكرامات منذ ولادتهم!
__________________
(١ ـ ٢) المصدر ٣٣٣ ح ٦٦ في اصول الكافي باسناده الى أبي جعفر الكناسي قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) أكان عيسى بن مريم حين يكلم في المهد حجة الله على اهل زمانه؟ فقال : كان يومئذ نبيا حجة لله غير مرسل اما تسمع لقوله حين قال : اني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا» قلت : فكان يومئذ حجة الله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال : كان عيسى في تلك الحال آية لله ورحمة من الله لمريم حين يكلم فعبر عنها وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال ، ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان وكان زكريا الحجة لله عز وجل بعد صمت عيسى بسنتين ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير اما تسمع لقوله عز وجل (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) فلما بلغ سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين اوحى الله اليه فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين وليس تبقى الأرض يا أبا خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدم (عليه السلام) واسكنه الأرض».
(٣) نور الثقلين ٣ : ٣٣٤ ح ٦٧ ـ عن اصول الكافي عن صفوان بن يحيى قال قلت ـ