وقد يشمل (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) امر الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) كشهيد الشهداء أن يجعل سائر أهل الحشر يسمعون ويبصرون (١) حالة هؤلاء الظالمين النكدة ، إذا ف «اسمع» جامعة هنا بين الأمر وأفعل التعجب ، ولا يعني العجاب هنا إلا أنه موضعه لمن يعجب دون الله سبحانه فانه ليس ليعجب!.
(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)(٣٩).
(يَوْمَ الْحَسْرَةِ) هو يوما الموت والقيامة الكبرى حسرة على الظالمين : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (٣٩ : ٥٦) (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (٢ : ١٦٧) (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) (٦ : ٣١) لذلك فهو لهم (يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) أمر التكليف ومجال التوبة عما أترفوا فيه ، فلا حسرة عما مضى إن كان هنالك انجبار يصلح ما يأتي.
وقد يعني يوم الحسرة هنا فقط يوم الموت (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) حيث البرزخ ليس يوم الغفلة ولا يوم الايمان حتى يندّدوا بعدم الايمان ، اللهم الا لمن يجمع يوميه ظالما وهو الذي يموت بالنفخة الاولى ويحيى بالثانية وهم قلة قليلة امام جمع الظالمين المحشورين ، فمهما كان يوم القيامة الكبرى هو يوم الحسرة الكبرى ولكن (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) يختصه هنا بالقيامة الصغرى ، اللهم إلّا ان يعتبر اليومان واحدا هما (يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) ف (هُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) يعني بداية يوم الحسرة وهو القيامة الصغرى ، وقد يعني (إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) ـ فيما يعني ـ قضاء امر الموت (٢)
__________________
(١) و «بهم» اعتبارا بافعل التعجب دون الأمر فانه متعد بنفسه.
(٢) الدر المنثور ٤ : ٣٧١ ـ اخرج سعيد بن منصور واحمد وعبد بن حميد والبخاري ـ