يوصف في ثمان اخرى (١) بالأيمن! ولان الوحي يمن ويمين فمناداته جانب الأيمن مكانا كما هو الأيمن مكانة! أفضل اليمن واليمين.
ثم و «من» تقرر منفذ الوحي اليه في كلام يسمع فليكن في مكان كما الموحى اليه في مكان ، مهما لم يكن للموحي المنادي مكان ولا زمان ، حيث يخلق الكلام كما يخلق سائر الخلق ، ولكنه كلام خارق سنة الكلام في لفظه ومعناه حيث هما من الله دون مكلّم بشري أو ملائكي أمن ذا؟
فكما الله خلق المسيح دون أب ، وخلق آدم دون أبوين ، كذلك الكلام الذي كلّم به كليمه خلقه دون لسان وشفه ومخرج صوت.
(وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) ..
«نجيا» حال من المقرّب وحال من المتقرب وعلى أية حال يعني النجوى كما يعني النجاة : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) (١٢ : ٨٠) اللهم إلّا نجاة الله إذ لا يخاف حتى ينجو ، فقد قربه «نجيا» هو عمن يبعّده او يشغله من اهله ، وعمن يتربص به دائرة السوء كآل فرعون ، ومن ثم «نجيا» في نجواه إليه وحيا ، ونجوى موسى الى ربه وقد يجمعهما (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى. قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) (٣٠ : ١٨).
ف «نجيا» هذا يجمع بين شرطي ذلك القرب ، سلبا في نجيّ النجاة عمن سوى الله ، وإيجابا في نجي النجوى مع الله ، وقد يشير الى نجاته (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) ـ والى نجواه : (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى) (٢٠ : ١٢)!.
__________________
(١) هي ٢ : ٦٢ و ٩٣ و ٤ : ١٥٤ و ٢٨ : ٢٩ و ٤٦ و ٥٢ : ١ ، وقد وصف مرة بسيناء ٢٣ : ٢٠ واخرى بسينين ٩٥ : ٢.