(إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) (١٤).
أقياما في قولة جوفاء؟ ولا تحتاج هكذا قولة الى ربط على قلوبهم والى قيام والله منها براء! بل قياما في العمق في قولة صادقة عن قلب مربوط بالايمان في توحيد الله لحد يحيل الإشراك بالله : (لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً) ولا في لفظة قول (لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) : مفرطا في البعد عن الحق (١) أفبعد الايمان ومزيده وبعد ان ربط الله على قلوبنا نفرط في ذلك البعد السحيق من اللاإيمان؟ كلّا ولن ...
ولأن قول (رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ ...) ومعه قمة الايمان لا يحتاج الى قيام ، فليكن قولا جاهرا بين جماهير الناكرين ، في ظرف تذوب فيه القلوب وتتفتت فيه الأكباد وترتاع له النفوس وتقشعر الجلود إذا فهو قيام في بعدي الايمان إعلانا بعد إسرار بكل صمود وإصرار ، يحيل الارتجاع الى الشرك : (لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ ..) قاطعين آمال المشركين ، منقطعين عن كل عمل إلّا لله وعن كل أمل إلّا في الله! وقد تلمح «لن» ان هناك كانت عليهم ضغوط تحملهم على الإشراك بربهم!.
ولكن ذلك توحيد قائم متجاهر باهر لا يقصمه اي جابر ولا يفصمه اي مكابر ، وما يروى في إسرار إيمانهم بتقية في ظاهر الشرك مؤول (٢) او
__________________
(١) في تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى : (لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) يعني جورا على الله ان قلنا له شريك.
(٢) نور الثقلين ٣ : ٢٤٢ ح ١٧ في اصول الكافي علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ان مثل أبي طالب مثل اصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الشرك فأتاهم الله أجرهم مرتين.
أقول علّه ينظر الى الحالة قبل قيامهم واظهارهم ، وقوله تعالى : (إِذْ قامُوا ..) يلمح الى ـ