(وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا) على إياسهم من مغيث ، ولكنما الحالة تلك المزرية المضطربة قد تدعوهم أن يستغيثوا (يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ) : دردي الزيت المغلي (يَشْوِي الْوُجُوهَ) بمواجهته قبل شربه ، وهل يشربونه. وهو كالمهل؟ اجل (١)! لأن الإغاثة ليست فقط عرضا للماء وان لم يشربوا بل هي إشراب لهم ، ولان سرادق النار يضطرهم لشرب أيا كان (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ. كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) (٤٤ : ٤٦) (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) (٤٧ : ١٥) (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) (١٤ : ١٦)!.
(بِئْسَ الشَّرابُ) ماءه كالمهل (وَساءَتْ) النار (مُرْتَفَقاً) متكئا يعتمد عليه بالمرفق ، كما المرفقة هي المخدة ، وكما (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) هذا مرتفق النار ثم أهل الجنة (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) وأين مرتفق من مرتفق؟!
شراب كالمهل «كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢٦٠ ح ٧٩ في تفسير العياشي عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) قال : تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب فقال له قائل : انهم يومئذ في شغل عن الاكل والشرب؟ فقال (عليه السلام) له : ان ابن آدم خلق أجوف لا بد له من الطعام والشراب ، أهم أشد شغلا ام هم في النار فقد استغاثوا (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ).
وفيه عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال قال امير المؤمنين (عليه السلام ان اهل النار لما غلى الزقوم والضريع في بطونهم كغلي الحميم سألوا الشراب فأتوا بشراب غساق وصديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ وحميم يغلى به جهنم منذ خلقت كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا.