(وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً) ما يزدادها بهاء وثمرا وارتياعا!.
ومما يزيده جمالا مقابلة اللّاظلم من الجنة بالظلم من صاحب الجنة حيث ازدهى ولم يشكر وبطر فاستكبر ، وقد امتلى نفسه بالجنتين وازدهى النظر إليهما ، إحساسا بالزّهو ، وتنفشا كالديك ، واختيالا كالطاووس ، تعاليا على صاحبه وهو يجاوره ويحاوره : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) أمّاذا من كلام فاض أجوف أخوف.
(وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً)(٣٤).
(وَكانَ لَهُ) : لما جعلناه له من جنتين ـ لصاحب الجنتين ـ لا كل الجنتين ـ او للنهر «ثمر» وكلها معنية ـ وعلّ تنوين التنكير هنا تلويح لكثرة الثمر عدة وعدة ومدّة أماذا من ثمر ـ وقد تلمح «كان» بسابق الثمر زمنا متداوما ، ام وعلى أقل تقدير بوجود الثمر حينه كما (آتَتْ أُكُلَها ..).
(فَقالَ لِصاحِبِهِ) الذي يصاحبه ملكا او شغلا أما ذا من صحبة وتعارف (وَهُوَ يُحاوِرُهُ) حول شؤون الحياة (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً) حيث «له ثمر» (وَأَعَزُّ نَفَراً) من ولد وخدم وأعوان مناصرين لان لي مالا وثمرا! وفي الحق لقد ألهاه التكاثر في حواره هذه ، وتفخيما لجانبه وتذليلا لصاحبه ، وتغافلا عن ربه ، ظلما مثلثا يرجع الى نفسه فنكرانا للنشأة الاخرى! :
(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (٣٥) وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً)(٣٦).
(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ) وكيف دخل؟ وكيف هي جنته وهي جنة الله حيث أعطاها إياه : (جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ)؟