انه دخل على رعونة وكبرياء ، وطنطنة وخيلاء ، متحسّبا أنها منه وله دون الله ، وكما قاله أخوه قارون : (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) (٢٨ : ٧٨) وتلك الجنة أم أي مال ومنال لأيّ كان وأيان هي من الله ابتلاء ، امتحانا او امتهانا ، فكم من كادح كثيرا لا يفيده إلّا قليلا ، وكم من كادح قليلا او مرتاح يستفيد كثيرا!.
فهي ـ إذا ـ جنته إذ جعله الله مستخلفا له فيها ردحا باختيار ، وهي جنة الله لأنها من الله فلا قوة إلّا بالله.
(دَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) انتقاصا لها تناسيا عن فطرته وفكرته وعقليته تجاه ربه وهو معترف به : (لَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي) تأبيدا لجنته وهي بائدة فانية بعد ردح قل أو كثر (قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً) وماذا يعني هذا الأحمق النكد البطر من أبد جنته؟ هل البقاء دون فناء! بقوته ام قوة الله؟ والدنيا بحذافيرها دار فناء! ام البقاء ما هو باق ، وماذا الذي يضمن له ذلك البقاء ، وكم من ثراء أثرى أصبحت فناء! ام ماذا ، مما يشهد على أية حال أنه (ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) في قولته الخواء البتراء!.
ومن خلفيات هذا الأبد نكران الساعة : (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) ترى وما هي الرباط بين الأبد لهذه الجنة ونكران دار الأبد ، ان هي إلّا جنة الثراء من ثمره وجنته ، ف (هُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) في جنونه المعمّد المختار ، تسامحا عن عقله.
وجنّة ثالثة من جنته (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي) كاحتمال أخير على بعده فما يضرني إذا حيث (لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) تخيلا بخيلائه وكبريائه أنه يملك جنة الساعة باحرى من جنة هذه الساعة! وما هي الرباط بين الجنتين حيث يجعلهما في ظنه لزام بعض؟
هذه ظنة الجاهلين من أثرياء وفقراء ان من اوتي الحياة الدنيا فهو في