(أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) استثناء منقطع ،
__________________
ـ بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى امر الله» اي ترجع (فَإِنْ فاءَتْ) اي رجعت (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) يعني بقوله : تفيء ـ ترجع فذلك الدليل على ان الفيء كل راجع إلى مكان قد كان عليه او فيه ، ويقال للشمس إذا زالت قد فاءت الشمس حين يفيء الفيء عند رجوع الشمس إلى زوالها ، وكذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار فانما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم فذلك قوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) ما كان المؤمنون أحق منهم.
وانما اذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الايمان التي وصفناها وذلك انه لا يكون مأذونا في القتال ... لقوله عز وجل : اذن للذين ... وان لم يكن مستكملا شرائط الايمان فهو ظالم ممن ينبغي ويجب جهاده حتى يتوب وليس مأذونا له في الجهاد والدعاء إلى الله عز وجل لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين اذن لهم في القرآن في القتال فلما نزلت هذه الآية في المهاجرين الذين أخرجهم اهل مكة من ديارهم وأموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم واذن لهم في القتال.
فقلت : فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي اهل مكة لهم فما بالهم في قتال كسرى وقيصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب؟ فقال : لو كان انما اذن لهم في قتال من ظلمهم اهل مكة فقط لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى وقيصر وغير أهل مكة من قبائل العرب سبيل لأن الذين ظلموهم غيرهم وانما اذن لهم في قتال من ظلمهم من اهل مكة لإخراجهم إياهم من ديارهم وأموالهم بغير حق ولو كانت الآية انما عنت المهاجرين الذين ظلمهم اهل مكة كانت الآية مرتفعة من الأرض عمن بعدهم إذ لم يبق من الظالمين والمظلومين احد وكان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذ لم يبق من الظالمين والمظلومين احد وليس كما ظننت وكما ذكرت ولكن المهاجرين ظلموا من جهتين ظلمهم اهل مكة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم فقاتلوهم بأذن الله لهم في ذلك وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به منهم فقد قاتلوهم بإذن الله تعالى لهم في ذلك (٣).
بحجة هذه الآية يقاتل مؤمنوا كل زمان وانما اذن الله للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله تعالى من الشرائط التي شرطها الله على المؤمنين في الايمان والجهاد ومن كان قائما ـ