كافة السبل قضية مناسكها الهامة التي تجمع جموعها في عبودية جماهيرية حركية عالمية :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) ٢٥.
فكما الإسلام بضوابطه هو لكافة المسلمين ، كذلك قبلة الإسلام وعاصمته : (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) فقد جعله الله للناس ـ وطبعا المسلمين منهم ـ فإنهم الذين يقصدونه كسبيل الله الموحّدة بينهم ـ جعله لهم حال انه (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) سكنا وعبادة ، فلا يفضّل عاكف فيه على باد ، وذلك لأنه المعكف والمطاف والقبلة لكل المسلمين على حد سواء ، بيت عتيق طليق لا يملكه احد سوى الله ، وقد جعله الله لعباده (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) فكل ترجيح لعاكف على باد لحاضر على مسافر ، ولمواطن على سواه ، كل ذلك الحاد فيه بظلم ، (نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ).
لا يعني «العاكف» فقط المعتكفين في المسجد الحرام كعبادة معروفة حيث العبارة الصالحة عنه المعتكف ، ولا «الباد» غير المعتكف ، بل هما «المقيم والذي يرحل» سواء اعتكفا ام أحدهما ام لا ، وعلّ التعبير بالعكوف للتأشير إلى مدى المسؤولية الهامّة على عواتق المقيمين بمكة المكرمة ، أن عليهم حياة العكوف والعبودية فيها بكل رقابة.
وطبعا لا يعني (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) هنا نفس المسجد إذ لا يقيم فيه المقيم ولا البادي ، بل هو مكة المكرمة كلها او الحرم كله ، تعبيرا بأقدس مكان فيه ، كما و (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (٢ : ١٩٦) ليست لتعني نفس المسجد فانه ليس مسكنا للأهلين ، وذلك عناية في التعبير عن البلاد المقدسة ان يذكر الامكنة المقدسة فيها.
وليس ذلك الصدّ ـ فقط ـ عن المسجد الحرام ، فانه صدّ عن المناسك