(مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ ٩١ عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ٩٢.
كون إله من دون الله لا يخلو من اتخاذه إلها من قبل الله ولدا وسواه ، ام انه إله كما الله على سواء ، ولكن (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ) اتخاذا بالولادة إذ لم يلد ، ولا اتخاذا تشريفيا إذ لا شرف لعباد الله المقربين اشرف من العبودية ، والمجاز مجاز إذا أمكنت الحقيقة ، فلأن حقيقة الولادة الذاتية مستحيلة في الله فكذلك مجازها تبنيا لبعض خلقه.
فالولد الحقيقي جزء من حقيقة الوالد ، فألوهية الوالد تقتضي الوهية لولده ، ثم للولد التشريفي ألوهية مخوّلة مهما لم تكن له ذاتية ولادية ، وهما منفيان لأي احد تجاه الله.
وهنا تبقى الوهية ثالثة هي ذاتية غير ولادية وكما لله ، تنفيها عن غير الله : (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) وبرهان النقض (إِذاً لَذَهَبَ ...) يتمحور الالوهية الذاتية ، وعلى هامشها الولادية ام والتشريفية.
إذا لو (كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) واستقل هو بنفسه بما خلق ، وانفصل النظام وانفصم ، فإن لكلّ شأنا غير شأن الآخر ، ولكلّ خلق يريده سوى ما يريده الآخر ، فان انقسم الخلق بينهما ولكلّ نصيب ، انقسم النظام ، وان تعارضا في كل خلق لتناقض الخلق واستحال النظام ، ف «إذا شاء واحد ان يخلق إنسانا شاء الآخر ان يخالفه فيخلق بهيمة ، فيكون الخلق منهما على مشيتهما واختلاف ارادتهما إنسانا وبهيمة في حالة واحدة ، فهذا من أعظم المحال غير موجود ، وإذا أبطل هذا ولم يكن بينهما اختلاف بطل الاثنان وكان واحدا ، فهذا التدبير واتصاله قوام بعضه ببعض