فليكن ذلك البيت العتيق بالمسجد الحرام والحرم كله ، اطهر بيت في الكون كله ، متخليا عن كل مظاهر القذارة والرجاسة ، متحليا بكل مظاهر الطهارة والقداسة ، بعيدا عن كافة المفارقات والتمييزات لاي مقيم او مسافر ، في طواف وصلاة وسواهما من مناسكه.
وهنا (الرُّكَّعِ السُّجُودِ) دليل جواز الصلاة في جوف الكعبة المشرفة ، فانها أصدق مواضع «بيتي» حين يشمل المسجد الحرام ، وتأويل (الرُّكَّعِ السُّجُودِ) بكونها فقط أمامها قبلة عليل خارج عن التحصيل.
واما الطائفون الزوار والقائمون المقيمون ، فهم بين طائف ومصلّ ، ومعنى الطواف هو التطواف حوله ، فالداخل فيه السائر في حواليه لا يسمى طائفا بالبيت العتيق (١).
واما الآية (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) فهي للخارجين عن الكعبة والمسجد الحرام ، حيث امر به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنون معه في المدينة المنورة.
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) ٢٧.
وترى من هو المخاطب المأمور هنا بالأذان الإعلان بالحج؟ أهو ـ فقط ـ ابراهيم الخليل (عليه السلام) وهو دعوى دون دليل إلّا سبق الخليل بأمر قبله : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) والآيات التالية المخاطبة للحاضرين ومن
__________________
(١) البحار ٩٦ : ٤٨ ـ ٥٠ عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال : لما اوحى الله إلى ابراهيم (عليه السلام) ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ، اهبط إلى الكعبة مائة وسبعين رحمة فجعل منها ستين للطائفين وخمسين للعاكفين وأربعين للمصلين وعشرين للناظرين.