يلحقهم مستقبلين تطارد ذلك الاختصاص ، لا سيما وان ذلك الخطاب «في الناس» كل الناس كقضية حقيقية تحلّق على كافة المكلفين إلى يوم الدين ، فحتى إن كان خطابا لإبراهيم ، فهو كأوّل من يحمله إلى الناس دون اختصاص ، والخطابات الشرعية للناس دائبة ما دام الناس إلا ان يأتي نسخ او تبديل ، وليس في القرآن دليل على اي تبديل بالنسبة لذلك الخطاب بكل ما يضمنه من مضامين.
ام هو خطاب لخصوص الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو بعيد عن السياق حيث سبق الخطاب ابراهيم الخليل وهو اوّل بان للبيت ، فهو ـ بطبيعة الحال ـ اوّل مؤذّن للحج ، مهما يستمر حتى الرسالة الاخيرة بأكمل صورة وسيرة.
حقا انه خطاب أولا لإبراهيم كأذان اوّل ، ثم للرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كأذان ثان ، مهما كان بينهما عوان على طول خطوط الرسالات منذ ابراهيم حتى محمد (عليهما السلام) (١).
ومجرد ذكره هنا مجردا عن احد المخاطبين دليل الشمول ، ثم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أحرى من يشمله كما نتلمح او نتصرح من خطابات تالية ، (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا ... وَأُحِلَّتْ لَكُمُ ... إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ..)
__________________
(١) فروع الكافي ١ : ٢٣٣ صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اقام بالمدينة عشر سنين لم يحج ثم انزل الله سبحانه (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ...) فامر المؤذنين ان يؤذنوا بأعلى أصواتهم بان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحج في عامه هذا فعلم به من حضر المدينة واهل العوالي والاعراب ...
أقول : ولا تنافيه الرواية القائلة ان المأمور به ابراهيم (عليه السلام) حيث الأمر يحلق كافة الرسل منذ ابراهيم حتى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).