فمن كونه ظلّاما للعبيد ان يجبرهم على الضلال والإضلال ثم يخزيهم بعذاب الدارين ، ومنه الا يعذبهم كما لا يعذب عباده الصالحين ، تسوية بين المحسن والمسيء ، او يعذب المضلّلين دون المضلّلين ، او يعاكس أمرهما أمّاذا من ظلم هو بالنسبة لرب العالمين ان يكون ظلاما للعبيد.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) ١١.
ذلكم الناس مقلّدين ومقلّدين كانوا هم النسناس المشركين ، لا يعبدون الله على اية حال ، وهؤلاء ناس موحدون ولكنهم لانحرافهم في حرفهم لعبادة ربهم خاسرون ، فما هو ذلك الحرف الهارف الجارف الذي يزلّ به الأقدام ويضل به أقوام؟
حرف الشيء طرفه وجانبه وهامشه ، دون أصله ومتنه ، ولكنه جانب له يربطه بغيره عند عدم الارتباط ، إذا فهو في أصله لا اصل له ولا معنى في ذاته ربطا وسواه ، ولذلك سمى الحرف في الكلام حرفا لأنه جانب غير اصيل يربط أصيلا باصيل ، اسما باسم ام بفعل ، فلا معنى له في نفسه.
وعبادة الله كسائر الأفعال قد تكون متأصلة في حياة العابد ، متعرقة في قلبه وإلى جوارحه ، فسائر أفعاله حرف ، وسائر حيوياته هامشية على ذلك المتن المتين المكين ، فلا ينحرف او ينجرف عن عبادة ربه مهما قاست الظروف وعرقلت الحياة ، بل وتزدهر وتنبهر تحت الضغوط وتلك عبادة الأحرار.
وتقابلها العبادة الحارفة المحترفة ، التي هي حرف وأداة لما يهواه من حياته وشهواته ، فأصله في حياته ما يهواه ، فإن يعبد الله فهي على حرف وطرف وهامش من الحياة ام وجه واحد من وجوه العبادة ، وهو وجه