(وَما جَعَلَ) يعم الجعل البدوي ، جعلا لأحكام محرجة ، والاستمراري ، ان يتطلب تطبيق حكم غير محرج حرجا في خاصة الظروف ، فكل حرج أما يستلزم الحرج سواء أكان حكما ام سلبا لحكم ، كل ذلك منفي عن هذا الدين.
فلو ان زوجا يؤذي زوجته ناشزا عما يتوجب عليه. فلا يقيم صلبها ، ولا يقوم بواجب الزوجية معها ، فيذرها كالمعلقة لا ذات زوج ولا أيّم ، ثم ولا يطلقها مضارة إياها ، نظرة أخذ مال منها أمّا ذا ، جاعلا إياها في حياة محرجة ، فان بقيت هكذا كان حرجا عليها ، فليس ـ إذا ـ بقاءها كما هيه مفروضا عليها بحكم الشرعة ، فللحاكم الشرعي تطليقها دون اشتراط اذن من زوجها وهو على حالة المضارة دون تنازل عن احراجه إياها.
فضابطة اللّاحرج محلّقة على كافة الظروف ، نافية للحكم المحرج او العمل المحرج ، او الترك المحرج ، فلا إحراج في الدين إطلاقا من ناحيته ، اللهم الا من أحرج نفسه فانه ليس من الدين في شيء.
فالواجب المحرج ، والمحرم المحرج ، لا يبقى على وجوبه او حرمته ، فضلا عما يحرج ولا يعرف حكمه كطلاق المحرجة في زواجها ، ف (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٥ : ٦).
فهذا الدين كله ، بأحكامه العبادية والسياسية والاقتصادية والحقوقية أما هيه ، ملحوظة فيه فطرة الإنسان وطاقته ، قد لوحظ فيه تلبية الفطرة الطليقة والاتجاه إلى البناء والاستعلاء فلا تبقى حبيسة كالبخار المحتبس ، ولا تنطلق انطلاق الحيوان الغشم.
لذلك ترى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من آل الرسول يستندون في نفي الاحراج بهذه الآية ، ويرجعون الامة إليها