ولان «طرائق» هي جمع طريقة دون طريق ، فكلّ سماء فوقنا ـ إذا ـ طريقة بالإمكان التطرق بها إلى ما فوقها وإلى السابعة إلى السدرة المنتهى ، وكما تطرّقها كلها رسول الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكما يتطرق من فوقها إلى تحتها وإلينا ، فهي السبل المطروقة لبعض المقربين السابقين كالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وللملائكة (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) (١٩ : ٦٤) ولأمره المدّبر (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ) (٦٥ : ١٢) (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) (٣٢ : ٥) ولنزول الأمطار (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ ..) (١٨) (وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ) عن هذه الرحمات الروحية وسواها المتنزلة بين الأرضين والسماوات ، فالكون كله بسماوته وأرضيه وحدة مدبرة من عليم حكيم ، سبحان الخلاق العظيم.!
نحن وحتى الآن ـ على ركب العلم السريع السير ـ لم نتطرق إلا بعض الأبواب من طريقة السماء الأولى ، فأنى لنا السير في سائر طرقها والطرائق الست الأخرى سبحان الخلاق العظيم!
(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) ١٨.
من هذه الطرائق السبع طريقة الماء من السماء إلى الأرض ، فقد كانت أرضنا هذه محروقة عطشانة قبل حياتها والحياة عليها ، فانزل الله عليها من ماء السماء بقدر مقدر فأسكنه في الأرض نصيبا لها خاصا ، فالأبخرة المائية الأرضية الصاعدة إلى السماء ترجع كما هيه ماء دون زيادة ولا نقيصة ، اللهم إلا زيادة في حالات استثنائية كطوفان نوح : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) ف «ماءك» هو الماء النازل إليها بقدر الساكن فيها على حذر : (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) ذهابا عن بكرته كما في يوم قيامتها ، ام ذهابا مؤقتا عن قدره تجديبا كما يفعله أحيانا في ارض دون اخرى ، ولكي يعلموا (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ).