امن يتبعه في خطواته (أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) دون شك ولا ريبة ، لأن الضلال والإضلال كيانه ، وهو شغله الشاغل في حياته ، فلا يهديه إلى حق ابدا ، بل (وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) هدى إلى غاية الضلال ومصيره ، وهذا تهكم في التعبير إذ يسمي قيادته إلى عذاب السعير هداية ، انه لا تتأتى منه هداية الا إلى عذاب السعير ، وما الطفه جمعا بين الإضلال والهداية عناية لمعنى واحد هو الضلالة!
وهذه الكتابة هي القضاء الرباني على الولي والمتولي ، حيث ان كيان الضلال لا يصدر منه الا ضلال ، وليس الله بمنج من يضل بغير علم ، امن يتولاه على علم بضلاله ، ام غير علم بهداه ، اللهم إلا القاصر في تحريه عن الحق فعسى الله ان يهديه سواء السبيل.
فلا تعني (كُتِبَ عَلَيْهِ) ان الله فرض ضلال من ضل بإضلال من أضل تسييرا دون تخيير إلى ضلال ، وانما هو بيان للواقع حسب الأسباب والمقتضيات ، ان المتحري عن باطل ليتّبعه ليس بحري الا ان يحيق به الباطل الذي تحرى عنه وتمناه ، معاكسة للمتحري عن الحق (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
ومن المجادلة في الله هي المجادلة بغير علم في يوم الله ، إحالة له بمحاولات جاهلة قاحلة ، والله يبرهن لحقه وواقعه هنا بواقع الحياة الاولى ، وهم مصدقوها ، دون إبداء مادة للبرهان بعيدة عنهم ، بل هي ما يعيشونها طول حياتهم :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ