في الجزاء كفصلهم في عقائدهم. (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) لا يعزب عن علمه شيء فانه عليم بذات الصدور.
ف (الَّذِينَ آمَنُوا) هم المؤمنون بهذه الرسالة الجديدة المسمون بالمسلمين ، (وَالَّذِينَ هادُوا) هم اتباع التوراة «والنصارى» اتباع الإنجيل ، فامّا «الصابئين والمجوس» فما الصابئون ـ خلاف ما قيل ـ من عبده الكواكب إذ قوبلوا كما المجوس ب (الَّذِينَ أَشْرَكُوا) فليسوا هم ـ لأقل تقدير ـ ممن محض الشرك محضا مهما انحرفوا عن حق التوحيد كفريق من اليهود والنصارى وفريق من المسلمين ، فعلّهم قوم بين اهل الكتابين كما تلمح له توسطهم بينهما في الذكر ، صبأوا من الدين الكتابي إلى شيء من غير الكتابي مع الحفاظ على عقيدة التوحيد كما ذكرناهم في آية البقرة.
والمجوس هم الزرادشت وكتابهم المقدس «اوستا» وهم يقدسون النار دون ان يعبدوها كأصنام ، ومهما يذكر في كتابهم اهورا مزدا وأهرمن كمبدئين للخير والشر ولكنهم ينهون كل شيء الى اهورا موجد الكل ، إذا فليسوا من الوثنيين الممحّضين الشرك ، وكما يلمح له مقابلتهم كالصابئين بالذين أشركوا.
والذين أشركوا هم الذين محضوا الشرك محضا ، تاركين عبادة الله إلى عبادة الأصنام والأوثان.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) ١٨.
«ا لم تر» خطاب لكل راء مهما اختلفت درجات الرؤية باختلافهم فيها ، والمرئي لهم كلهم ، بامعان النظر ولمعان الفكر (أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ) لا سواه ، فهو مسجود الكل على الإطلاق في ذوات اكوانهم ، خاضعين غايته