ونهايته أمام مشيئته دون امكانية التخلف ولا قيد شعرة ، من عقلاء ك (مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) عامة ، أم سواهم من جماد ك (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ) ام نبات ك «الشجر» وهو كل ما يتشجر من قائم على سوقه وغير قائم ، ام حيوان : «والدواب».
فهذه سجدة كونية ذاتية للكائنات كلها ، مهما كانت ساجدة باختيار ف (إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (١٧ : ٤٤) وأفضل التسبيح عمليا هو السجدة ، فهي إذا تعم الكل.
ذلك الكل ، واما الناس ، (وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) فلهم سجدة باختيار اضافة الى كونية بشعور وسواه في أجزائهم الكونية (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) ولكنهم لا يسجدون باختيار ، بل الاوليان : كونيا أمام مشيئة الله ، وتسبيحا لأجزاء ذواتهم كسائر ذوات الكائنات ، فهم (كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) بتركهم السجدة باختيار.
ففي مثلث السجدة نجد (كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) يترك الزاوية المختارة ، ولا تنفصم به الضابطة التي تعم الكائنات كلها ، فالكون ـ إذا ـ محراب واسع يسجد فيه الكائنات لربها طوعا او كرها : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ) (١٣ : ١٥) أفليس يجدر بالإنسان وهو أفضل الكائنات كونا وكيانا ان يجاوبهما في ذلك السجود العام طوعا كسجدته كرها ، واية مهانة أرذل وأذل ان يترك هذا الإنسان السجود المختار لربه فيهينه الله كما أهان هو نفسه : (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) دون الله (إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ).
فهذه الآية توبيخة قارعة على تاركي السجود لله لو انهم انتبهوا عن غفوتهم ، ومن الراجح جدا او الواجب ان تسجد عند قراءتها او استماعها ، وكما مضت أحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)