(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) ١٤.
وليست هي فقط جنات الآخرة ، بل وجنة الاطمئنان والرضوان هي عشيرته في دنياه وإلى عقباه ، بل المؤمن هو جنات في عقليته ونفسيته ، في عقيدته وعمليته ، جنات في حياته كلها مهما اعترضته البلايا والرزايا ، فانها ليست بشيء بجنب رضوان من الله واطمئنان بالله.
ذلك ل (إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) ولا يريد الا خيرا ، عدلا او فضلا ، ومن دون الله ليس (يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) ان كان ممن يريد ، إذ لا تحلّق قدرته على كل مراده ، فضلا عمن لا يريد من أوثان وأصنام!.
(مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ) ١٥.
هذه الآية من معارك الآراء بين المفسرين فهي حريّة بتدبر لائق بالغ علّنا نفسرها كما هي دون تحميل ولا تأويل ، سردا لمحتملات ثم سبرا وتقسيما لكي نحصل على المعنى الأليق بلفظ الآية وموقفها.
الذي يبدو من جو الآية انه كان هنالك غيظ من ظن لعدم النصرة الإلهية في الدنيا والآخرة ، ثم تعجيز بسبب ظاهر مقترح كيدا لإذهاب ذلك الغيط ولن يذهب باي كيد حيث الله هو الفاعل للنصر في الدنيا والآخرة وهو التارك له.
والسبب في اصل اللغة هو الحبل الذي يصعد به النخل ، ثم كل ما يتوسل به الى شيء ماديا ومعنويا ، فاعليا ام ظرفا معبّدا لفعل ، فهو ـ إذا ـ يعم كل وسيلة لكل ما يتوسل اليه كما (تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) (٢ : ١٦٦).