قائمة الکتاب
«من يعبد الله على حرف» : أعبدني يا رب حتى اعبدك!
٢٦
إعدادات
الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة [ ج ٢٠ ]
الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة [ ج ٢٠ ]
تحمیل
وتراه إن أصابته فتنة كيف ينقلب على وجهه ، ولم تكن عبادته عبادة من اوّل امره؟
ذلك لأن وجهه هو حرفه في عبادته ، فان اصابته فتنة ترك ذلك الحرف الظاهر ايضا كما كان تاركا لحق العبادة منذ كان (ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ).
لقد كان يدعو الله في ظاهر الحال في إصابة الخير ، ثم يجاهر في دعوة غير الله عند الفتنة :
(يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) ١٢.
وهنا (لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) قياسا إلى بغيته من دنياه ، إذ لا ضار ولا نافع إلّا الله لا سواه ، والانقلاب من دعاء الله الضارّ النافع إلى دعاء غير الله غير الضار ولا النافع (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) فان ترك أية دعوة كان ضلالا قريبا علّه ينتبه فيدعوا الله ، ولكن الانقلاب من دعاء الله إلى دعاء غير الله ضلال بعيد ما أبعده! وليس فحسب انه لا يضره ولا ينفعه ، بل
(يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) ١٣.
ومن ضره الأقرب خسار الدنيا والآخرة ، وليس نفعه إلا تخيلا لا يملك أية حقيقة وواقعية ، فان من يدعوه من وثن او شيطان او طاغ او سند من بني الإنسان ، ضرّه في عالم الضمير إذ يتوزع القلب أثقالا بالوهم والذل ، وضره في عالم الواقع ولا سيما إذا وقعت الواقعة انه (أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) قربا واقعيا على اية حال ، مهما كان نفعه المتخيل اقرب زمنيا في الخيال.
ذلك ، واما المؤمن الذي يعبد الله أصلا ـ لا حرفا ـ وعلى أية حال ، ولا يتخذ مولى ولا عشيرا الا الله ، فهو رابح في كل الأحوال :