دركات ، كما الهدايات درجات ، ولكن : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) (٧ : ١٤٦).
اصرفهم عن آياتي ختما على قلوبهم فهم لا يعقلونها جزاء بما كانوا يعملون ، وصدا لهم عن الوقيعة فيها وصرف المؤمنين عنها.
وكضابطة ادبية ـ في الحوار عامة ـ إن الجدال بالباطل ممنوع ، سواء أكان لدحض الحق ام إثباته ، فان واجب الجدال على اية حال ان تكون بالتي هي احسن (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١٦ : ١٢٥) والجدال بغير علم باطل على أية حال ، وإذا كان الجدال بعلم بغير الأحسن ـ كالحسن ـ ممنوعا ، فباحرى الجدال بغير علم فانه سيء ام أسوء.
ويا ليت الذين يجادلون في الله جادلوا بعلم ، لا بغير علم ، تطاولا أجرد عن كل علم ، ناشئا من اتبّاع كل شيطان مريد ، فهو ركام من الجهالات والضلالات دون اية بارقة من حق ، فلذلك :
(كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) ٤.
(كُتِبَ عَلَيْهِ) : كل شيطان مريد (أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ) اتباعا له في ضلاله وإضلاله ، كما (كُتِبَ عَلَيْهِ) : (مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ)(١) فرأس الضلالة مكتوب عليه ، سواء أكان كل شيطان مريد ،
__________________
(١) في الوجه الاول «كُتِبَ عَلَيْهِ ...» مواصفة لكل شيطان مريد ، وفي الثاني خبر بعد خبر ل «مَنْ يُجادِلُ ..» والوجهان معنيّان لأنهما معنيان صالحان ، ولو كان مخصوصا بالاحتمال الاول لوجب جمع الضمير «عليهم» اعتبار بكل شيطان مريد ، كما ولا يصلح اختصاصه بالثاني لأن الاول أحرى معنويا لأنه اصل الإضلال ، إذا ف «عليه» راجع إلى كل واحد منهما على البدل ، جمعا بين المعنيين.