(فَاجْتَنِبُوا .. وَاجْتَنِبُوا .. لَكُمْ فِيها مَنافِعُ) ومن ثم (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً ..) فالهكم آله واحد ـ امة واحدة ـ! (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ .. لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها ... فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا ... كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ... وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (٢٨ : ٣٧).
ثمانية عشر خطابا في مناسك الحج تحملها آيات عشر بعد آية الأذان تعم الحاضرين من المسلمين وإلى يوم الدين ، كيف نتجاهلها باختصاص خطاب الأذان بأصل الحج لإبراهيم الخليل ، اللهم الا بتأويل عليل وتدجيل.
وهذه ضابطة ثابتة في فقه القرآن ، أن كل امر او نهي فيه لاي رسول ، يبقى امرا او نهيا لكل المرسل إليهم ، اللهم إلّا ببرهان قاطع من القرآن نفسه ينسخه او يحدده ، حيث الرسالة واحدة ، والمرسل إليهم امة واحدة ، اللهم إلّا في بعض مظاهر العبودية وسواها حسب المصالح ، فما لم يثبت نسخ من الكتاب لحكم مذكور فيه فهو ثابت ، ولا سيما مثل أذان الحج الذي هو بطبعه زمني يشمل كافة الأمم ، مهما تكامل في الامة الاخيرة.
__________________
ـ «وأذن» امر صارم (فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) وهو زيارة البيت حجا او عمرة ، و «يأتوك» دون «يأتونك» هو جواب الأمر ، فذلك أمر بأمر ، أمر أن يأمر الناس بالحج ، مقدّما للمشاة على الرّكب (يَأْتُوكَ رِجالاً) جمع راجل وهو الماشي (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) وهو اي مركوب مهزول ، ضمره الجوع او المرض ، وقد أهمل هنا اي مركوب قوي مزين مرمول ، مما يدل على ان الراحلة في أصلها ـ فضلا عن سليمها ـ ليست شرطا في فرض الحج.