ثم وذكر (الْعاكِفِينَ) في آية البقرة بديلا عن (الْقائِمِينَ) هنا مما يحتّم انهم هم العاكفون المقيمون في مكة المكرمة ، فالطائفون هم البادون ، الحاضر للطواف دون الإقامة.
وتأييدا ثالثا قرن السواء في غاية التطهير ، بالسواء بين العاكف والباد ، فكما لم يميزوا في البداية فكذلك الأمر في النهاية ، هناك (لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ) وهنا (لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ).
فالطائفون هم الزائرون ، والعاكفون هم القائمون ، والركع السجود هم المصلون ، مهما شمل الطائفون كل الطائفين حوله ، والعاكفون من يعتكف فيه وسواه.
فقد جعل الله هذا البيت للناس سواء العاكف فيه والباد في كل شعائر الحج ، ولذلك امر ابراهيم ان يطهره للناس سواء الطائفين والقائمين بعكس الترتيب هناك كيلا يتقدم مقيم على مسافر ولا مسافر على مقيم تحقيقا للتسوية حتى في التعبير.
ثم الأمر بتطهيره لا يخص ابراهيم الخليل ، بل هو مستمر إلى يوم الدين ، كما التسوية المجعولة المرمية إلى يوم الدين.
وذكر (الرُّكَّعِ السُّجُودِ) مقيما او مسافرا بعد «الطائفين والقائمين» مسافرا او مقيما ، لطواف البيت وسواه من مناسك الحج والعمرة ، يصوّر لنا صلاة الطواف بعده ، مع ان «الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة» (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣٥٤ ـ اخرج الحاكم عن ابن عباس قال قال الله لنبيه : وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود قال : طواف قبل الصلاة وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة إلا ان الله قد أحل فيه المنطق فلا ينطق الا بخير.