يدل على صانع واحد ..» (١).
فهذه الآية تضم حججا ثلاثا (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ) ـ (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) ـ (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ).
فالثاني لزوم ذهاب كل آله بما خلق مستقلا بما خلقه ، يعرفه حسب ناموس خاص ، فيصبح لكلّ جزء من هذا الكون ، او لكلّ فريق من الخلق ، ناموس خاص لا يلتقي فيه بناموس عام يصرف الجميع ، وبذلك تنفصم عرى الوحدة في التدبير ويختل النظام رغم وحدة التدبير واتصاله.
والثالث لزوم علو كلّ على زميله استقلالا بعرش الألوهية وقضاء على نقص الشركة ، علوا على ألوهيته ذاتا ام صفات او افعالا ، استقلالا بما هو قادر عليه.
والقول اننا نفرض وحدتهما في الارادة فلا يتنازعان ، يرده ان الوحدة المطلقة قضيتها الوحدة من جميع الجهات فأين الاثنان ، فحتى لو صحت وحدة الارادة لوحدة العلم والقدرة والحكمة ، نتساءل أليس بينهما اي فارق ذاتي ام صفاتي؟ ففي فرض وجود الفارق ـ وهو لزام التعدد ـ نقول ان كان الفارق لكلّ نقصا فهما ناقصان ، وان كان لكلّ كمالا فكلّ يفقد كمالا يجده الآخر ، فهما ـ إذا ـ ناقصان من وجه ثان ، فليسا إلهين اثنين.
__________________
(١) تفسير البرهان ٣ : ١١٨ عن تفسير القمي في الآية ثم رد الله عز وجل على الثنوية الذين قالوا بالهين فقال : ما اتخذ الله ... قال قال : لو كان الهين كما زعمتم فكانا يختلفان فيخلق هذا ولا يخلق هذا يريد هذا ولا يريد هذا وليطلب كل واحد منهما الغلبة لنفسه ولا يستبدل كل واحد بخلقه وإذا أراد ... لطلب كل واحد فيهما العلو وإذا شاء .. وهو قول الله عز وجل (مَا اتَّخَذَ اللهُ ...) وقوله (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا).