فهو هكذا «رسول الله» وهكذا «نبي الله» لا فحسب بل (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) حيث ختم النبؤآت والرسالات والنبوات فلا نبئ بعده ولا رسول ولا نبيّ ، ولا وحي بعده ولا كتاب ، ولا شرعة بعده ولا اي جديد من سماء الوحي! ليس هو ـ فقط ـ خاتم النبيين ، بل (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) فالخاتم وهو اسم لما يختم به ويصدّق فهو أبلغ من الخاتم وأعمق دلالة على خاتميته للنبوات ، فقد بلغ من ختمه النبوات وتصديقه لها الى حدّ سمي بالخاتم كما الرسول والنبي على سواء ، دون من يختم كآخر لما يختمه وليس يصدقه ، او قد ياتي بعده من هو ارقى منه ، ولكن موقع هذا النبي من النبيين موقع الخاتم ختام (١) المكتوب حيث يصدقه والمكتوب تحته مكذوب ، وكذلك الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فمدعي النبوة بعده مكذوب والذي لم يصدقه ممن قبله غير مصدق ، فهو السطر الأخير من أسطر الوحي يصدّق ما قبله من وحي ، ويكذب ما بعده من دعوى الوحي وكما يروى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): انه سيكون في امتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي» (٢) وهو اللبنة الاخيرة من بناية الرسالة كما يروى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : «مثلي ومثل النبيين كمثل رجل بنى دارا فأتمها إلا لبنة واحدة فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة» (٣).
__________________
(١) الخاتم ما يختم به وسمى خاتم الزينة به لان فصه كان يحكّ عليه اسم صاحبه يختم به كتاباته
(٢) الدر المنثور ٥ : ٢٠٤ ـ اخرج ابن مردويه عن ثوبان قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيه اخرج احمد عن حذيفة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : في امتي كذابون دجالون سبعة وعشرون منهم اربع نسوة واني خاتم النبيين لا نبي بعدي
(٣) المصدر اخرج احمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ... واخرج ما في معناه باختلاف يسير مع الاحتفاظ على الأصل ـ