والقول السديد يصلح الأعمال ، وهو ذريعة لغفر الذنوب ، ثم القول السديد وصالح العمل هما طاعة الله الرسول ، وهي الفوز العظيم.
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢) لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(٧٣).
آية الامانة هذه منقطعة النظير في عرض الأمانة على الكون كله فإبائها عن حملها والإشفاق منها وان الإنسان حملها (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) فما هي تلك الامانة وما هو عرضها وحملها والاباء عن حملها؟
الامانة ـ بوجه عام ـ هي كل ما يؤمن عليه ويطمئن به مالا او حالا او عملا إمّا ذا من واجب الأداء الى أهلها كما اؤتمنت وحيث وأنّى وكيفما ، ولا تصدق الأمانة إلّا فيما قبلت طوعا او كرها فأداء لها ام خيانة فيها ، واما التي لم تقبل حتى يؤمن عليها فتؤدى او تخان ، فلا تحمل اسم الامانة مهما وجب قبولها او لم يجب ، وكما وهي مستحيلة بالنسبة للأمور التي ليست لتنفصل عن المؤتمن حتى يأتمن غيره فيها.
ثم المقبولة طوعا كسائر الأمانات او كرها كامانة السماوات والأرض والجبال ومن ضمنها الإنسان ، هي بين محمولة دون رد وبين مؤداة ، فمن طبع الامانة أداؤها لا حملها إلّا لأدائها ، فمن حملها فقد خانها : (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) (٣ : ٢٨٣) إن (اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (٤ : ٥٨) كشريطة من شروط إسلام التكليف ، وباحرى ايمانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) (٨ : ٢٧) (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) (٢٣ : ٨).