الإنسان بذلك الحمل ، وفي تحملّها وأدائها كما حمّل عدل وعلم! فليكن حملها خيانة لها ناشئة عن ظلمه بها وجهله بمن حمّلها إياه (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (١٤ : ٣٤).
«فقد خاب من ليس من أهلها انها عرضت على السماوات المبنية والأرض المدحوة والجبال ذات الطول المنصوبة فلا أطول ولا اعرض ولا أعلى ولا أعظم منها ولو امتنع شيء بطول او عرض او قوة او عز لامتنعن ولكن أشفقن من العقوبة وعقلن ما جهل من هو أضعف منهن وهو الإنسان انه كان ظلوما جهولا» (١).
انه لا أظلم من الإنسان ولا أجهل وجاه الامانة العامة إلّا القليل ممن وفى لرعاية الحق فيها فمؤديها كما حمّل ، فهو في احسن تقويم إذا وعى ورعى ، وهو في أسفل سافلين إذا أودع وغوى ، فلا مثيل له في سائر الكون في حمل الامانة خيانة وأدائها صيانة.
«انه كان» فيما كان أيا كان وأيان ، في كينونة الخلقة فان النفس لامارة بالسوء ، مهما خلقت له الفطرة والعقل ، ولكنه بالفعل في الاكثرية الساحقة تتغلب هواه عقله وطبعه فطرته.
(إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً) فيما يؤتمن من امانة وما لا يؤتمن ، ظلوما بنفسه وغيره وأمانته ، ظلوما بحقه وكل حق وحقوق الآخرين ... «جهولا»
__________________
(١) نهج البلاغة للسيد الشريف الرضي عن الإمام أمير المؤمنين (ع) وأخرجه عنه (ع) في الكافي مثله.