(٥ : ١٥) ولكنه البعض من علم ربك الممكن تعليمه لعباده لا كلّه. ولكن ذلك العلم يختص بكل الكائنات ، لا وحتى الذات المقدسة ، فليكن ذلك دونها : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٦ : ٥٩) حيث الرطب واليابس كناية عن كائنات الممكنات ككلّ دونما استثناء! : (... يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ، وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (١١ : ٦).
فالكائنات كلها (فِي كِتابٍ مُبِينٍ) كتاب العلم المطلق والقدرة المطلقة ، الصادر منه كل رطب ويابس! :
(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ)(٥).
ترى ولماذا (بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ)؟ «ليجزي ..» قضية العدل ، و (عالِمِ الْغَيْبِ ..)
«ليجزي» قضية العلم! فالعدل ـ فقط ـ لا يكفي لضرورة الجزاء لولا العلم بالصالحين والطالحين ، والعلم ـ فقط ـ لا يكفي لولا العدل ، إذا ف ـ «ليجزي ..» هي حصيلة العلم المطلق والعدل المطبق على كل الكائنات ، فلو لا الجزاء فإمّا ظلم أم جهل ، أم هما معا فأسوء وأنكى!
ولئن شك الجاهلون المتجاهلون في ذلك الذكر الحكيم ونبيه الرسول الكريم ، فهنالك العالمون يصدقون ويوقنون :
(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)(٦).
أترى (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) هم ـ فقط ـ علماء اهل الكتاب كما يقال؟