يوم الدنيا قبل يوم الدين ، ف ـ «العذاب» هو عذاب التغافل عن احكام الفطرة والعقل ، تغاضيا عن ظاهر ادراكاتهم وباطن معرفياتهم ، وذلك هو (الضَّلالِ الْبَعِيدِ) حيث الضلال القريب هو المرجو زواله إذ ليس عن عناد ماكن ، واما الذين (جَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) فضلا لهم بعيد وحتى يموتوا ضلّالا ، ومن ثم العذاب القريب!
(أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ)(٩).
أترى (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) هو أفق السماء والأرض؟ وصحيح التعبير عنه «ما تحت أرجلهم من الأرض وما فوقهم من السماء»!
ام «ما بين أيديهم وما خلفهم» من كلّ من السماء والأرض أماما وخلفا؟ وتبقى الجهتان الأخريان يمينا وشمالا ، حيث الأربع هي الأفق المشهود من السماء والأرض!
ام لا هذا ولا ذاك ، وانما هي تلميحة لطيفة عميقة الجذور ، بطيئة الظهور لكروية الأرض ودورية السماء ، ف ـ (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من الأرض هو الأفق المشهود الدائري لكل شاهد في أكناف الأرض ، ثم (وَما خَلْفَهُمْ) هو الأفق والآفاق غير المشهودة ، فليس «خلفهم» إلا خلف الأرض ، وراء الأفق الظاهر ، إذا فليست الأرض مسطحة ، بل هي مدورة مكورة لها من كل جانب منها ظهر وجاه خلف.
ثم و (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من السماء هو الأفق الظاهر منها لكل ناظر إليها في آفاق الأرض ، ف ـ (وَما خَلْفَهُمْ) هو الأفق غير الظاهر فليكن