قد تكون «والطير» عطفا بحساب المعنىّ من محل المعطوف عليه ، ف ـ «اوبي» تعني «وسخرناها» كما في آيتي التسخير ، ف ـ «والطير» تعني ذلك التسخير ، فقد يفسر نصب الطير امر الجبال انه تسخير وليس امر التشريع! كما و «يسجن» هناك تفسر هنا «أوبي» أنه التسبيح الترجيع!
هذا مسرح من مسارح تليين الجبال والطير في مصارح التسبيح ، ثم الى تليين الحديد :
(وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)؟ أتراه ـ فقط ـ تليينا لحده وصلابته بعد الحصول عليه من معدنه؟ وهذا أصعب منه واحدّ! ام وتليين معدنه ومصدره ، والمقام مقام الفضل الرباني لعبد رباني وأفضله ذلك الجمع الرائع المكين من التليين!
ولأن إلانة الحديد لا تحملها في القرآن كله إلا هذه اليتيمة المنقطعة النظير فلننظر فيها نظرة الناقد البصير.
يروى عن امير المؤمنين علي (عليه السلام) انه قال : اوحى الله الى داود انك نعم العبد لولا انك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك قال : فبكى داود (عليه السلام) أربعين صباحا فأوحى الله عز وجل الى الحديد ان لن لعبدي داود (عليه السلام) ..»(١).
«ألنا له» كما «يسجن معه ـ اوبي معه» تختص إلانة الحديد بداود!
__________________
(١) تفسير البرهان ٣ : ٣٤٤ عن الكافي باسناده عن احمد بن أبي عبد الله عن شريف ابن سابق عن الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد الله (عليه السلام) ان امير المؤمنين صلوات الله عليه قال : ... فألن الله عز وجل له الحديد فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم فعمل ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمائة وستين ألفا واستغنى عن بيت المال.