ألقوة خارقة أوتيها من فضل الله؟ وتعبيره الصحيح الفصيح «قومناه»! ام إلانة لما يحتاجه من حديد لصنعة لبوس؟ وهذا هو ظاهر الإلانة ، وقد تضمن إلانة العلم كما تعني إلانة الحدة : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ) (٢١ : ٨٠) فلو لا ذلك التعليم لم تكن كثير فائدة في هذا التليين ، فانما هو كذريعة لصنعة لبوس ، لا ـ فقط ـ نفس التليين.
وهنا أيضا (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) تفسير لمدى ذلك التليين ، فلا تعني إلانة الحديد ـ فقط ـ عمل السابغات ، إلّا أن تعني إلانة ذلك العمل بعد إلانة الحديد! إذا فهنالك مثلث من تليين الحديد ، صدورا من معدنه ، وتليينه عمليا ومن ثم تليينه لصنعة لبوس عليما!
فلم يكن التليين ـ إذا ـ بالتسخين ، فانه لكل من يسخنه وهو هنا «له» باختصاص ، بل هو خارقة للعادة تليينا بلا تسخين ولا أية وسيلة مألوفة اخرى ، فجو السياق وظلاله بكل تلميح وتصريح يعني هنا خارقة للعادة! من :
(وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) ولا كمجرد آية خارقة تدل على وحى الرسالة ، بل و : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(١١).
السابغات هي الدروع الواسعات ، والسرد هو نسجها ، وتقديره لها هو ان يعمل كلا على قدره السائغ للسابغ وقد يروى انها كانت تعمل قبل داود صفائح الدرع صفيحة واحدة فكانت تصلب الجسم وتثقله فالهم الله داود ان يصنعها رقائق متداخلة متموجة لينة يسهل تشكيلها وتحريكها بحركة الجسم وامر بتضييق تداخل هذه الرقائق لتكون محكمة لا تنفذ منها الرماح ، وهو التقدير في السرد! هذا ولتكون السابغات سائغات