بأموالهم وابدلهم مكان جنتيهم ..» (١)
(الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها) هي القرى الشامية ، و (قُرىً ظاهِرَةً) هي الباهرة في ممرهم ، الزاهرة ببركاتها ، قريبة المنازل ، متقاربة المحطات ، مقدرة السير ، محدودة المسافات (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ) تقديرا متناسبا متناسقا لا يخرج المسافر من قرية الا ويدخل في اخرى مثلها ، فلا تختص امنة السير فيها بالنهار ، بل (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ)!
وما ألطفها مسافات في تلكم السفرات السافرات ، قراها الظاهرة هي لصق بعض ، لا يخلد بخلد المسافر انه ناء عن منزله الا نزهة ولذة.
ويبدو انها كانت لهم نعمة سابغة لاحقة للسابقة ، وكان الله أبدلهم إياها بجنتيهم امتحان الامتهان فكفروا ثانية :
(فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)(١٩).
فقد غلبت عليهم الشقوة ولم ينتفعوا من النذارة الاولى ، فانما دعوا الله دعوة حمقاء (فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا) كأنهم يرفضون النعمة بعد النقمة ، ام يستاءون من رحمة بعد رحمة ، فما دائهم وما دوائهم إلّا اجابة الدعوة (وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) في هذه الدعوة (وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) قبل هذه الدعوة بما بغوا وطغوا ، فاستجيبت دعوتهم البتراء الخواء إذ كانت بطراء حمقاء (فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) يتحدث عنهم في كل ناد كامثولات لكل حمق في عمق كيف يدعى الرب لازالة النعمة الى نقمة؟ (وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ)
__________________
(١) في الكافي باسناده عن سدير قال سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الآية ...