عن كل رباط وملصق فلم يبق لهم وصل إلّا الى فصل ، في أوطانهم وأسفارهم ، حيث بطروا النعمة ولم يصبروا على المحنة.
لقد فرق سبأ ومزق ايادي سبا في أنحاء الجزيرة مبدّدي الشمل ، وعادوا أحاديث الهزء على الألسنة بعد ان كانوا امة حضارية غالية المصدر ، عالية المورد ، ذات وجود في الحياة (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) صبرا في البأساء وشكرا في النعماء ، بل وصبرا في النعماء والبأساء وشكرا في النعماء والبأساء!.
(وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠) وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ)(٢١).
«لقد» تأكيدان اثنان أن (صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) في أبعاد بعاد ، حيث أراهم ظنه صادق اليقين ، ام وجده صادقا عليهم كأنهم لا يشكون في صدقه فيعاملونه عمل اليقين ، بما صدّق قالته عند الله : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٣٨ : ٨٣) وقالته الاخرى (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) حيث المتبوع خير من التابع ، ومن التابعين من هو اكفر من إبليس! فقد وقع العباد في مربع من فخ إبليس دون نجاة الا بصادق الايمان! وهم في «عليهم» كل العباد لمكان الاستثناء إذ لم يكن في سبأ فريق من المؤمنين ، مهما كان المحور لذلك التصديق هم سبأ واضرابهم فإنهم التجوالة العليا لرحلات الشيطان ، ثم و «عليهم» تدلنا على ان مربع التصديق كان «عليهم». ومن ثم لم ينج المؤمنون كلهم (إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وهم صادقوا الايمان ، واما البسطاء ، واما اتباع الشهوات ، فهم سيقة الشيطان مهما كانوا مؤمنين : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) فالقلة القليلة من المؤمنين مخلصين ومخلصين هم الذين لا يتبعون إبليس في أحلك الظروف وأهلكها ، وليس