(ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً). (٥)
(ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) لا «الى آبائهم» فقد يختلفان ايمانا وكفرا فكيف يدعى الولد المؤمن الى الأب الكافر؟ مهما صحت المعاكسة ، ان تدعوا الولد الكافر الى الوالد المؤمن ولكي يؤمن ولأنه يلحق به قبل بلوغ الحلم دون عكس ، ثم «ادعوهم الى ..» لا يزيل أساس التبني ، فقد يدعى «الى» وهو بعد ابنه كما يدعى غريب الى غريب ، فانما (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) دعوة تختصهم بآبائهم نسبا وفي كل ما هو لزامه ، فقولوا ابن فلان بدلا عن ابني ، لا في لفظة قول فحسب ، بل وفي كل ما تتطلبه البنوّة اللهم إلّا ما يستثنيه الإسلام للولد المؤمن او الوالد المؤمن.
ولقد دعى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) زيدا لأبيه قبل ان تنزل آية الدعوة اللهم إلّا نسبة تشريفية تشويقا له إذ رجح المقام عند الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على اللحوق بابيه (١) فما نرى فيما
__________________
(١) مضى له قصة عن الامام الصادق (عليه السلام) وفي لفظ آخر في الدر المنثور ٥ : ١٨١ واخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كان امر زيد ابن حارثة انه كان في أخواله بين معن من طين فأصيب في غلمة من طين فقدم به سوق عكاظ وانطلق حكيم بن حزام بن خويلد الى عكاظ يتسوق بها فأوصته عمته خديجة (رضي الله عنها) ان يبتاع لها غلاما ظريفا عربيا ان قدر عليه فلما جاء وجد زيدا يباع فأعجبه طرفه فابتاعه فقدم به عليها وقال لها اني قد ابتعت لك غلاما ظريفا عربيا فان أعجبك فخذيه والا فدعيه فانه قد اعجبني فلما رأته خديجة أعجبها فأخذته فتزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو عندها فاعجب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ظرفه فاستوهبه منها فقالت هو لك فان أردت عتقه فالولاء لي فأبى عليها فوهبته له ان شاء ـ