خذوا أنتم الأجر الذي سألتكم إياه ، واجعلوه زادا لتعرّف اكثر الى المبدء والمعاد ، وصاحبكم الذي هو بين المبدء والمعاد ، نذيرا لكم بين يدي عذاب شديد.
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(٤٨).
(إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِ)(عَلَى الْباطِلِ)! (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (٢١ : ١٨) فليس الباطل يقذف الحق ، (إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ) لأنه (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) والحق يحمل الغيوب والباطل لا يملك حتى الشهود ، ف (ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ)؟
وكذلك (إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ) في قلوب اهليه وهم الذين يتحرون عنه وهم به مؤمنون! (قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ)(٤٩).
لقد جاء حق تلو حق منذ بزوغ الرسالات ، ولكن الحق كل الحق إنما جاء جديدا صارما عتيدا مهيمنا على سائر الحق ، خالدا على مر الزمن بمر الحق!
(وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ)؟ إظهارا لأمر بدائي بديع لم يسبق؟ كلا «ما يبدئ» : وليس ليبدئ!.
(وَما يُعِيدُ)؟ من غابر الباطل الدفين ليدحض به الحق (وَما يُعِيدُ) : ليس بمعيد شيئا! (١).
فحين لم يجيء كل الحق ما كان الباطل يبدئ شيئا او يعيد ، فكيف إذا (جاءَ الْحَقُّ) (كله). ف (ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ)؟! ثم (وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ) في الأولى (وَما يُعِيدُ) في الاخرى ، فانه زاهق في الأولى وفي الاخرى!
__________________
(١) ف ـ «ما» هنا استفهامية ونافية ، تعنيهما مع بعض وتلو بعض وما أفصحه وأبلغه!