وهاجسة ليعرضها على حجة الله ، فعلّها خدعة مستسرة من عدوه القديم. استعدادا دائبا لخوض هذه المعركة المصيرية (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)!
أمن العقل ان يتخذ العدو صديقا ، اغترارا متواصلا متأصلا بغروره ، وقد غر من قبل أبوينا الأولين (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ)! (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ) كما أعلن منذ البداية ، ووعد مواصلة العداء حتى النهاية : (قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) إذا (فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) مبدئيا لا طارئا قد يصادق بعد ما يعادي «إنما» ليس إلّا (يَدْعُوا حِزْبَهُ) وهم كل من ينغر بغروره (لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ).
فهنالك حزبان : حزب الله وحزب الشيطان ، وبينهما عوان مذبذب هو ايضا من حزب الشيطان ، حيث الذبذبة دعوته وكيانه ، ماهيته وبيانه ، اللهم الا من يعيش حياة الايمان فهو من حزب الرحمن مهما نال منه الشيطان إذ لا يخلو منه انس ولا جان ، إلّا المخلصين من عباد الله فليس له عليهم من سلطان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) :
(الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (٧)
قاعدة مطردة عادلة صارمة للذين كفروا وماتوا كافرين ، والذين آمنوا وماتوا مؤمنين ، إلّا أن العذاب الشديد لا يربو شد الكفر ، أو قد ينقص ، ومغفرة واجر كبير يربوان شدّ الايمان ، قضية العدل هناك والفضل هنا (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)! (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ، فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ)(٨).