وارادة العزة قد تعني ارادتها لنفس العزيز (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) إذ يعز من اعتز به! وأخرى تحرّيها لمن يعبد عزيزا (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) فله العبودية والطاعة جميعا! وأما إرادة العزة الإلهية ان تحصل للعبد كما هي لله فمستحيلة (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) لا تعطى لسواه!.
فان (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) لا سواه (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) لا سواه ، فالعزة جميعا هي لله لا سواه! والكلم اسم جنس جمعيّ يذكّر مرة ويؤنث اخرى ، وهكذا يكون كل جمع لا يختلف عن واحده إلّا بالتاء. ولان الله تعالى ليس له مكان عل فلا يعني صعود الكلم الطيب اليه امّا هو ، صعودا من سفال الى عل في المكان ، فانما هي المكانة العالية له على كل من سواه وفي ذاته المقدسة ، فكل شيء لديه سفل وهو ـ فقط ـ العال. إذا فصعود الكلم الطيب اليه هو صعود في المكانة سماع القبول ، انه يبلغ رضاه على مداه وينال زلفاه دون ضياع ولا إهمال ولا ذرة مثقال.
صعودا إليه يوم الدنيا هكذا ، مهما يملك فيه سواه ما يملكه ، وصعودا إليه في الأخرى إذ لا يملك الحكم فيه إلّا الله! فعبثا يحاولون من يعبدون إلّا الله في كلماتهم واعمالهم ونواياهم ، زعم انها واصلة الى معبوديهم لأنهم لديهم فإنهم : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)(١٤)! إذا ف (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) دون سواه ، فعلينا الّا ندعو إلّا إياه ولا نرجو الّا إياه :
هنا كلم ونية ومعرفة وتصديق وعمل وتعامل مع الواقع ، هي لزام بعض البعض في تبنّي الطيب ، فما هو ـ إذا ـ الكلم الطيب؟ الطيب هو ما يستطاب في ميزان الحق ، فالكلم المستطاب لله ، وهو طبعا مستطاب لقائليه وسامعيه الطيبين ، انه في مثلث من الطيب وهو كماله وتمامه ، مهما