(رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٢٣ : ١٠٠) وهنا الجواب الحاسم يحمل تنديدا صارما صارخا بالمصطرخين في الجحيم (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ..)؟
وهنا الواو تقتضي معطوفا عليه محذوفا مثل «ا لم نذكركم بكل حجة صارحة وبينة صارخة» (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ..)؟ فقاطع العذر ليس إلا أمران اثنان : (نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ ـ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) فان جاء النذير ولم يفسح مجال للتفكير كمن عاش حين النذارة ساعات او أياما لا تكفي للتذكير ، فقد اعذر.
ام عاش حياة الذكر ولم يأته نذير فقد اعذر فضلا عمن فقد النذير وفسحة التذكير فهو اعذر واعذر!.
وعلى هذا الأساس فكلما كانت النذارة أقوى وفرصة التذكر اكثر واندى ، فالعذاب أوفر واشجى ، وكلما كان قاطع العذر أضعف فالعذاب أخف ام يعفى عنه كما في (الْمُسْتَضْعَفِينَ .. لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً).
فمن عاش جو الغفلة والتغافل ، بمظاهر الشهوات وجواذب النزوات يخفف عنه حسب خفة الحجة ، ومن عاش جو الذكرى بمديد العمر ولم يتذكر فلا يخفف عنه العذاب.
(أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ) المكلف العاقل ك «من تذكر» من المؤمنين (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) زيادة للتذكير «فذوقوا» عذاب السعير «فما للظالمين بحق الله وخلقه «من نصير» (١).
__________________
(١) تفسير البرهان ٣ : ٣٦٦ ـ ابن بابويه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن احمد بن أبي عبد الله البرقي باسناده رفعه الى أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل «او لم ـ