فالنواميس الإلهية والسنن الربانية مطردة ماضية ، مستقبلة وحاضرة وماضية ، دون تبديل بغيرها ، ولا تحويل لها إلى غير أهلها ف (لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)! (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٤٠ : ٨٥).
لقد سن الله سنة تكوينية لكل من الحسن والسوء ، والحسن والسيّء في النشأتين ، كضابطة سارية المفعول (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً) إلى غيرها ، ثوابا إلى عقاب أم عقابا إلى ثواب (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) من أهلها إلى غير أهلها (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)!.
إن القرآن يقرر هذه الحقيقة حقها جهارا وتكرارا لكي لا ينظروا إلى الأحداث فرادى ام هي فوضى ، عائشين الصّدف والفوضويات ، وإنما هناك سنن ثابتة مطردة و (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)!
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً)(٤٤).
وإذا لم يذكروا بما جاءهم من نذير فكذبوهم بكل نفير (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) في تاريخها الجغرافي وجغرافيا التاريخي «فينظروا» بصرا وبصيرة أحوال الماضين (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) في تكذيبهم رسلهم «و» قد (كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) في أموال وأولاد ومادية الأحوال (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ) حتى ولو كانوا ـ هم ـ أقوى من الذين من قبلهم وهم أضعف منهم (.. مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً) كيف يعاملهم «قديرا» بما ينتقم منهم.