بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً)(٤٣).
وإنه لقبيح ما أقبحه ، ومكر سيّئ ما أمكره ، أنهم بعد ما استفتحوا على المشركين وأقسموا بالله جهد أيمانهم : (ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً) فإنه مادة أصيلة لضلال المشركين ، أن لو كان خيرا لسبقونا إليه لسابق الوحي الكتابي لهم ، وسابغ إيمانهم!
ولم يكن ذلك النفور الزائد إلّا (اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ) كيف يأتيهم نبيّ إسماعيلي ويهدم صرح النبوة الإسرائيلية ، (مَكْرَ السَّيِّئِ) فالسيئ قد يسيء دون مكر فيجتنبه المتحري عن الحق ، ولكنه إذا مكر فوا ويلاه للبعيدين عن الحق ، حيث يتخذون ذلك المكر حجة على الحق ، فهو ـ إذا ـ المكر السيّء من ماكر سيّئ ، وهل يحيق المكر السيء بغير أهله ، من الله أو الرسول أو المؤمنين اليقظين؟ كلّا!
(وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) : ماكرا وممكورا ، فمن لا يمكر ولا يمكر لا يحيق به المكر السيّء ، فإن المؤمن هو الكيس الفطن ، لا يحار ولا يغار مهما كان المكر محيرا مغيرا! (١).
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ) انتظارا ، بعد ذلك المكر السيء (إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) من مكذبي النبيين ، سنة الله في إهلاكهم واستئصالهم؟ (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً) أن يجريها في الغابرين ، ويستثنيها عن الحاضرين ، فلا قرابة ولا نسبة لهم إلى ربهم يفقدها الأولون!
__________________
(١) الدر المنثور عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إياكم والمكر السيء فانه لا يحيق المكر السيء الا باهله ولهم من الله طالب.