ثم المؤمنون الصادقون الراجون الله والذاكرون له كثيرا ، لهم أسوة حسنة في رسول الله في هذه المعارك الصعبة :
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً)(٢١).
«أسوة» من «اسو» : اسوت الجرح : داويته ، بخلاف الأسى : الحزن ، فالواوي منه بمعنى المداواة والإصلاح ، واليائي هو الحزن والأسى الجراح ، فالطبيب الآسى : هو المداوي ، والمصلح بين القوم : الآسى ، فالأسوة الحسنة هي حالة خاصة في الاتباع تضمن كلا النفي والإثبات بصورة مطلقة ازالة الأمراض وإصلاح الحال ، ولان الفعلة هي ما يفعل به ، فالأسوة هي ما يؤتسى به ، فهي الحالة التي يداوى بها ويصلح ، فقد تكون للإنسان نفسه كالنبي بما يوحى اليه ، ام باتباع غيره كالمرسل إليهم باتباعه في رسالاته ككلّ ـ في قول وفعل وتقرير في عقيدة وأية طوية من نية وعلم ، ام ظاهرة في فعل ام تقرير.
و «أسوة حسنة في رسول الله» تعني الاسوة المطلقة بما يحمل من رسالة الله ، فيقتدي به شفاء لأدواء وإصلاحا بعد زوال الداء! والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «طبيب دوار بطبه قد أحكم مراهمه وأحمى مواسمه يضع من ذلك حيث الحاجة اليه من قلوب عمي وآذان صم وألسنة بكم متتبع بدوائه مواضع الغفلة ومواطن الحيرة ، لم يستضيئوا بأضواء الحكمة ولم يقدحوا بزناد العلوم الثاقبة فهم في ذلك كالأنعام السائمة والصخور القاسية ، قد انجابت السرائر لأهل البصائر ووضحت محجة الحق لخابطها وأسفرت الساعة عن وجهها وظهرت العلامة لمتوسمها ، مالي أراكم أشباحا بلا أرواح وأرواحا بلا أشباح ونساكا بلا صلاح وتجارا بلا أرباح وايقاظا